للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أنه ليس للعبد من نفسه قدرة على الهداية إلا أن يقدره الله سبحانه، هو قادر عليها القدرة المصححة التي هي مناط تكليفه بها، لكنه غير قادر عليها القدرة الموجبة، فلا يتمكن من فعلها إلا بمعونة من الله ، فإن أعانه وفق للهدى ووجد منه، وإلا فإنه يبقى على الضلال.

خصائصها:

لهذه النعمة الدينية خصائص تميزها عن غيرها من النعم، ومنها:

أولًا: أنها خاصة بالمؤمن دون غيره، فلا يوفق لها من ليس من أهل الإيمان.

وهذه النعمة تكون بالتوفيق للقيام بالمأمور، وبالتوفيق لترك المحظور، وهذا شامل لأصل الإيمان وشعبه؛ فقد يجتمع في الرجل الواحد توفيق من جهة، وخذلان من جهة أخرى؛ فالفاسق الملِّي منعم عليه بأصل الإيمان وبما قام به من أعمال صالحة، وغير منعم عليه فيما تركه من مأمور أو فعله من محظور، والطائع منعم عليه بما هو أكثر من ذلك.

وهذا التقرير على أصل أهل السنة أنه قد يجتمع في الرجل الواحد موجب الثواب وموجب العقاب (١)، إذ النعمة بالتوفيق للعمل هي التي أوجبت الثواب، وخلافها أوجب العقاب.

بل المؤمن الطائع نفسه يوفق لشيء من البر ويعان عليه، ولا يوفق لشيء آخر ولا يعان عليه، بل لا يمكن أن يوفق لكل خير إذ هذا ليس في مقدور العباد، كما قال : (استقيموا ولن تحصوا) (٢).


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٢٨/ ٢٠٩).
(٢) رواه أحمد (٣٧/ ٦٠ و ١١٠) ح (٢٢٣٧٨ و ٢٢٤٣٦)، وابن ماجه: كتاب الطهارة وسننها، =

<<  <  ج: ص:  >  >>