للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو أنه تعالى إذا كلف المكلف وكان غرضه بذلك تعريضه إلى درجة الثواب، وعلم أن في مقدوره ما لو فعل به لاختار عنده الواجب واجتنب القبيح؛ فلا بد من أن يفعل به ذلك الفعل، وإلا عاد بالنقض على غرضه" (١).

والرد على هذين الدليلين من وجوه:

الأول: أن الإيجاب من العباد على الله سبحانه لا يصح مطلقًا، وهو مناف لكمال الرب سبحانه وتفرده بالربوبية والملك.

الثاني: أن الأدلة قد دلت على ثبوت الفرق بين الإرادة الشرعية والكونية كما تقدم سابقًا (٢)، فليس كل ما أمر الله سبحانه به يريد كونه ووجوده، بل قد يأمر الله سبحانه بما لم يرده كونًا، وقد يريد كونًا ما لم يأمر به شرعًا، فلا يلزم من أمر الله سبحانه عبده بالطاعة أن يكون مريدًا لوقوعها حتى يجب عليه أن يلطف به، وحتى يكون منعه نقضًا لغرضه - على التنزل بوجوب اللطف عليه -.

الثالث: أن أصل التكليف عندهم فضل من الله سبحانه - كما تقدم آنفًا - وعندهم أن اللطف المقارن لا يجب لأنه من توابع أصل التكليف، فكذلك اللطف المتأخر عن التكليف ينبغي أن يكون على تأصيلهم غير واجب لأنه تابع لأصل التكليف إذ هو كما قال عبد الجبار: "زيادة في تمكين المكلف أو إزاحة علته" (٣).

كما استدلوا بأدلة شرعية (٤) غاية ما تدل عليه إثبات لطف الرب سبحانه


(١) شرح الأصول الخمسة (٥٢١).
(٢) انظر ما تقدم ص (٥٢٣) وما بعدها.
(٣) شرح الأصول الخمسة (٥٢٠).
(٤) انظرها في المغني في أبواب التوحيد والعدل (١٣/ ١٩٠ - ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>