للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث أنس قال: خدمت رسول الله وأنا ابن ثمان سنين، وخدمته عشر سنين، فما لامني لائم من أهله إلا قال: (دعوه، فإنه لو قضي شيء كان) (١).

وحديث محاجة آدم وموسى وفيه قول النبي لما احتج آدم على موسى بالقدر -: (فحج آدم موسى) (٢)، إقرارًا لصحة الاحتجاج بالقدر على المصيبة.

فالاحتجاج بالقدر على المصيبة مشروع لأمور:

الأول: أن هذا ما دلت عليه النصوص، كما تقدم.

الثاني: أنه لا ينافي ما شرعه الله سبحانه من امتثال للمأمور وترك للمحظور، بل يؤيده؛ لأن علم العبد بأن الله سبحانه قدر عليه المصيبة، ورده لها إلى القدر مأمورٌ به، وخلافه منهيٌّ عنه، فالرد إلى القدر عند المصيبة إعمالٌ للشرع، وإعمال الشرع بملاحظة القدر حال الكُمَّل من الخلق كما سيأتي، وهذا يظهر الترابط بين ما شرعه الله وما قدَّره.

الثالث: أنه يدل على رضا صاحبه بالقدر، ولا يمكن تحقيق هذا الرضا إلا بالرجوع إلى القدر.


= فائدة: قال ابن القيم في شفاء العليل (١/ ٩٧): "هذا الحديث مما لا يستغني عنه العبد أبدًا، بل هو أشد شيء إليه ضرورة، وهو يتضمن إثبات القدر والكسب والاختيار، والقيام بالعبودية ظاهرًا وباطنًا في حالتي حصول المطلوب وعدمه".
(١) رواه ابن أبي الدنيا في الرضا عن الله بقضائه (٤٥) ح (٤)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (٤٣) ح (٧١)، من طريق أبي المليح، قال: حدثنا فرات بن سليمان، عن أنس به.
(٢) تقدم تخريجه ص (٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>