للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللوح المحفوظ، لأنّ كل كائن مكتوب فيه" (١).

ويظهر من هذين النقلين أن المعتزلة يقرون بالمحو والإثبات في المقادير في الجملة.

وأما الأشاعرة؛ فإنهم يثبتون المحو والإثبات كذلك، ومن ذلك قول البيجوري - في حديث زيادة العمر بصلة الرحم -: "فالزيادة - بحسب الظاهر - على ما في صحف الملائكة، وإلا فلا بد من تحقق ما في علمه تعالى، كما يشير له قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]، أي أصل اللوح المحفوظ وهو علمه تعالى الذي لا محو فيه ولا إثبات، وأما اللوح المحفوظ؛ فالحق قبول ما فيه للمحو والإثبات كصحف الملائكة، وبعضهم فسر أم الكتاب باللوح المحفوظ لأنه ما من كائن إلا وهو مكتوب فيه، والراجح الأول" (٢).

ومن ذلك أيضًا ما فعله الرازي، فقد ذكر أن في المحو والإثبات في الآية قولين: العموم في كل شيء، والتخصيص ببعض الأشقياء دون بعض، ثم أورد اعتراض سبق المقادير وجفاف القلم، وأجاب عليه بأن ذلك المحو والإثبات أيضًا مما جف به القلم فلا يمحو إلا ما سبق في علمه وقضائه محوه (٣). فتقريره هذا صريح في إثبات ذلك.

وأما الماتريدية؛ فيثبتون المحو والإثبات في المقادير كذلك، ومن ذلك


(١) الكشاف (٣/ ٣٥٦ - ٣٥٧).
(٢) تحفة المريد (٢٦٣ - ٢٦٤).
(٣) انظر: مفاتيح الغيب (١٩/ ٦٦ - ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>