الثالث: أن الدعاء بمحو الشقاوة وإثبات السعادة فعله أكابر السلف، كعمر وابن مسعود ﵄، وأبي وائل شقيق بن سلمة ﵀.
فعن أبي عثمان النَّهدي، أن عمر بن الخطاب ﵁ قال - وهو يطوف بالبيت ويبكي -: "اللهم إن كنت كتبت علي شِقوة أو ذنبًا فامحه، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب؛ فاجعله سعادةً ومغفرة".
وعن أبي قِلابة، عن ابن مسعود ﵁، أنه كان يقول:"اللهم إن كنت كتبتني في أهل الشقاء فامحني، وأثبتني في أهل السعادة".
وعن الأعمش، عن أبي وائل، قال: كان مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات: "اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب"(١).
ومما ينبغي التنبيه عليه أن في حديث عبد الله بن عمرو إثبات هذين الكتابين، كتاب السعادة وكتاب الشقاوة، وأنهما مشاركان للوح المحفوظ بكونهما مما لا محو فيه ولا إثبات، كما لا محو ولا إثبات في اللوح المحفوظ.
وبهذا يتبين أن المحو والإثبات واقعان في المقادير؛ فيما يتعلق بالكلمات الثلاث خاصة دون غيرها، وأن ذلك المحو والإثبات إنما يكون في صحف الملائكة، دون اللوح المحفوظ فإنه مصون عن التغيير والتبديل والمحو والإثبات، والله أعلم.