للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدلت هذه الأحاديث على أن السعادة والشقاوة قد فرغ منهما فلا محو ولا إثبات.

والجواب عليها من وجوه:

الأول: أن يقال: مما لا شك فيه أن إثبات الأسباب لا ينافي سبق القدر، لأن هذه الأسباب من جملة القدر.

والدعاء وصلة الرحم وغيرهما - مما ثبت تأثيره في المحو والإثبات -، إنما هي أسباب من جملة ما قدره الله من الأسباب، وحينئذ فإثباتها لا ينافي سبق القدر بمسبَّباتها.

فسبْق القدر بالسعادة والشقاوة لا ينافي الإتيان بأسبابهما، بل الإتيان بأسبابهما من جملة المقدور الذي ييسر به المرء لعمل أهلهما (١)، كما بين ذلك النبي في الأحاديث المتقدمة.

فالأسباب التي تؤثر في السعادة والشقاوة محوًا وإثباتًا هي من جملة السعادة والشقاوة.

الثاني: أن هذه النصوص وأمثالها محمولة على القضاء المبرم لا المعلق - وهذا واضح جدًا - والقضاء المبرم لا محو فيه ولا إثبات، وإنما ذلك في المعلق الذي بأيدي الملائكة كما تقدم بيانه (٢).


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٢٧٢) وما بعدها.
(٢) وتجدر الإشارة إلى أنه قد روي في استثناء السعادة والشقاوة والآجال حديث مرفوع رواه الطبراني في المعجم الأوسط (٩/ ١٧٩) ح (٩٤٧٢) من حديث ابن عمر بلفظ: (يمحو الله ما يشاء؛ إلا الشقاوة والسعادة، والحياة والموت)، ولا يصح؛ انظر: الضعيفة ح (٥٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>