للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي عبد الجبار في تفسيرها: "لأن ذلك يدل على أن الإيمان من نعمة الله تعالى، من حيث ألطف لنا وسهل سبيلنا إلى فعله" (١).

وقال أيضًا في تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [هود: ٨٨]: "التوفيق من فعل الله في الحقيقة، وهو ما يفعله مما يدعو العبد إلى العبادة، كخلق الولد والغنى وما شاكله" (٢).

وقال الزمخشري في قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ [الحجرات: ٧]: "ومعنى تحبيب الله وتكريهه: اللطف والإمداد بالتوفيق، وسبيله الكناية كما سبق، وكل ذي لب وراجع إلى بصيرة وذهن لا يغبى عليه أن الرجل لا يمدح بغير فعله، وحمل الآية على ظاهرها يؤدّي إلى أن يثني عليهم بفعل الله" (٣).

فيتضح من هذه النقول أن المعتزلة يرون أن الله سبحانه أقدر المؤمن والعاصي على الفعل والترك على السوية، ولم يجعل للمؤمن مزية في ذلك على العاصي، وتأولوا ما ورد من تحبيب الإيمان وتزيينه بالدعوة إليه، أو الإقدار عليه، أو بالثواب عليه.

وقولهم هنا مبني على ما ذهبوا إليه من أن الله سبحانه لا يهدي ولا يضل، وشبههم هناك هي شبههم هنا، والله أعلم.

ومما يبين بطلان إنكار المعتزلة للنعمة الخاصة بالطائع ما تقدم من أنه يلزم


(١) تنزيه القرآن عن المطاعن (٣٩٦).
(٢) تنزيه القرآن عن المطاعن (١٨٤).
(٣) الكشاف (٥/ ٥٦٨ - ٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>