للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: شمول علم الله لما لا يقع: ويدخل فيه الجائز الذي علم الله أنه لا يقع، والممتنع.

فمن أدلة الأول:

قوله عن أهل النار: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام: ٢٨].

فأخبر عن علمه بهؤلاء الكفار بأنه لو ردهم إلى دار التكليف مرة أخرى ليستدركوا ما فاتهم من الإيمان والعمل؛ أنهم لا يؤمنون، بل يرجعون إلى سالف عهدهم من الكفر والمخالفة (١)، مع أن رجوعهم إلى دار الدنيا أمر قد أخبر بأنه لا يقع، كما في قوله : ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [المائدة: ٣٧].

وكذا قوله عن المشركين: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال: ٢٣].

أي: ولو علم الله في هؤلاء القائلين خيرًا لأسمعهم مواعظ القرآن وعِبَره، حتى يعقلوا عن الله ﷿ حججه منه، ولكنه قد علم أنه لا خير فيهم، وأنهم ممن كتب لهم الشقاء فلن يؤمنوا، ثم أخبر أنه لو أفهمهم ذلك لتولوا عن الله وعن رسوله، وهم معرضون عن الإيمان به، معاندون للحق بعد العلم به (٢).


= فقد علمه قبل كونه".
(١) انظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٢٥٠).
(٢) انظر: تفسير الطبري (١٣/ ٤٦٣)، وانظر كذلك: شرح الطحاوية (١/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>