للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على ذلك: النصوص التي أخبرت بعموم علمه بالأشياء، وهذا العموم يقتضي علمه بالجزئيات، ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [يونس: ٦١].

وقوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩].

ويدل عليه كذلك: النصوص الواردة في كتابة المقادير؛ مثل قوله تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨].

فإذا كان قد كتب لكل مخلوق قدره الذي يخصه في كميته وكيفيته؛ كان ذلك أبلغ في العلم بالأمور الجُزئية المعيَّنة، فتقدير الله يتضمن العلم القديم والعلم بالجزئيات (١).

ومما يدل على علمه بالجزئيات: خلقه للأشياء، فإن الخلق يستلزم علمه بتفاصيل المخلوق.

قال ﷿: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس: ٧٩].

فأتبع احتجاجه بالنشأة الأولى على قدرته على الإعادة بإخباره بشمول علمه لأن الخلق يستلزم قدرة الخالق على المخلوق، وعلمه بتفاصيل خلقه.

وقوله: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ عقِب ذلك فيه فائدة أخرى؛ وهي


(١) انظر: شرح الطحاوية (٢/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>