للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العلامة ابن القيم (١):

وهو اللطيف بعبده ولعبده … واللُّطْف في أوصافه نوعانِ

إدراك أسرار الأمور بخبرةٍ … واللُّطْف عند مواقع الإحسانِ

فيُريك عزَّته ويُبدي لُطْفَه … والعبد في الغَفَلات عن ذا الشانِ

ويقرن الله بينه وبين الخبير، كما في قوله تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤]، ومعناه عندئذ: "الذي لطف علمه بما في القلوب؛ الخبير بما تُسِره وتضمره من الأمور، لا تخفى عليه من ذلك خافية" (٢).

ومن الأدلة على علمه بالجزئيات: إخباره في مواطن كثيرة من كتابه بتفاصيل الأمور المعيَّنة، كإخباره عن قصص الأنبياء مع أقوامهم، وما آل إليه حالهم.

ومن الأدلة أيضًا: أنه لو لم يكن عالمًا بها لكان جاهلًا، والجهل نقص يتنَزَّه الله عنه، فوجب أن يكون عالما بها (٣).

ومن الأدلة أيضًا: أن نفيَ علم الله بالجزئيات نفيٌ لعلمه بالأشياء؛ لأن الكليات لا وجود لها خارج الذهن؛ وإنما الموجود خارج الذهن: الجزئياتُ المعيَّنة.

قال شيخ الإسلام : "فإن لم يعلم المعيَّنات لم يعلم شيئًا من الموجودات، إذ الكليات إنما تكون كليات في الأذهان لا في الأعيان، فمن لم


(١) النونية (١٧٩) رقم (٣٣٠٠ - ٣٣٠٢).
(٢) فتح القدير (٥/ ٣٤٨).
(٣) بيان التلبيس (٥/ ٣٩)، وانظر لهذا المسلك في الاستدلال على صفات الكمال: التدمرية (١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>