ومذهب هؤلاء واضح البطلان، جلي المخالفة لما علم بالدليل القاطع من الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة.
أما الكتاب والسنة؛ فالآيات والأحاديث الكثيرة المتتابعة على إثبات علم الله ﷾، كما سبق سياق بعضها، وسبق أيضًا سياق الإجماع (١).
وأما العقل؛ فمن وجوه:
الأول: أن العلم صفة كمال، ونقيضه الجهل صفة نقص، والله سبحانه متصف بالكمال ومنزَّه عن النقص؛ فوجب أن يوصف بالعلم وينزه عن النقص.
الثاني: أن العلم مقتضى الربوبية، ولا ربوبية بغير علم؛ إذ كل صفات الربوبية، وعلى رأسها الصفات التي هي خصائص الربوبية: الخلق والرزق والتدبير والملك ونحوها، كلها مبناها على العلم، فنفي العلم نفي للربوبية من أصلها، يوضحه:
الثالث: أن نفي العلم يستلزم لوازم باطلة:
أولها: نفي الخلق، إذ الخلق مبني على العلم كما تقدم تقريره، ونفي الخلق نفي لأمر من أعظم المسلمات، وهو مكابرة لا تقع إلا من أحمق.
ثانيها: نفي المشيئة عن الله سبحانه لأن المشيئة لا تكون إلا عن علم كما تقدم.
ثالثها: إثبات شركاء لله سبحانه في ربوبيته، لأن العلم إذا عدم؛ تساوى الرب مع غيره في جهل الأشياء، بل يكون بعض المخلوقين أعلم ببعض الأشياء من الرب ﷾، وهذا كفر صريح وشرك بيِّن، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.