للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أدلة الثانية؛ فيمكن تقسيمها إلى قسمين:

أدلة على ذات المحو والإثبات؛ وتتضمن إثبات المحو والإثبات:

كما في قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]، فجمع سبحانه في هذه الآية بين وقوع المحو والإثبات فيما دون اللوح المحفوظ، وبين عدمه فيه، كما قال ابن عباس وعكرمة : "كتابان: كتاب يمحو منه ما يشاء ويثبت، وعنده أمّ الكتاب" (١).

قال ابن أبي العز : "وقيل الزيادة والنقصان في الصحف التي في أيدي الملائكة، وحُمل قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (٣٨) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٨، ٣٩]، على أن المحو والإثبات من الصحف التي في أيدي الملائكة، وأن قوله: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾: اللوح المحفوظ. ويدل على هذا الوجه سياق الآية، وهو قوله: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾، ثم قال: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾، أي: من ذلك الكتاب، ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾، أي: أصله، وهو اللوح المحفوظ" (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [فاطر: ١١]، على الراجح في تفسيرها، فيكون مرجع الضمير في قوله: ﴿مِنْ عُمُرِهِ﴾ إلى المعمر نفسه، أي وما ينقص من عمره على الحقيقة، فالمراد بالنقص: النقص من العمر المكتوب، كما يراد بالزيادة: الزيادة في العمر المكتوب.

قال الشوكاني : "والأولى أن يقال: ظاهر النظم القرآني أن تطويل


(١) رواهما ابن جرير (١٣/ ٥٦٢).
(٢) شرح الطحاوية (١/ ١٣١ - ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>