للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالك : "أحسن ما سمعت في هذه الآية: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ أنها بمنزلة الآية التي في عبس: ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ﴾ إلى قوله: ﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ " (١).

قال ابن العربي : "أما قول من قال: إن المراد بالكتاب: اللوح المحفوظ فهو باطل؛ لأن الملائكة لا تناله في وقت ولا تصل إليه بحال، فلو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه محل، وأما من قال: أنه الذي بأيدي الملائكة من الصحف فإنه قول محتمل، وهو الذي اختاره مالك" (٢).

وقد ذكر الألوسي في تفسيره أنه وقف على نسخة مؤلفة في هذه المسألة لبعض الأفاضل - كانت عنده وفُقدت في حادثة بغداد -، قرر فيها أنه ما من شيء إلا ويمكن تغييره وتبديله حتى القضاء الأزلي (٣)، فيفهم من كلامه أنه يقول بوقوع المحو والإثبات في اللوح المحفوظ.

واختار الشوكاني كذلك هذا القول في كتابه "قطر الولي" (٤).

واستدل كل منهما بأدلة ترجع - عند التأمل - إلى إثبات وقوع المحو والإثبات، وهذا القدْر لا شك فيه، لكن النزاع في محله، هل هو مقصور على الصحف، أم أنه شامل كذلك للوح.

وبعضها يرجع إلى عموم متعلق المحو والإثبات، وستأتي مناقشة هذه الأدلة إن شاء الله.


(١) انظر: الدر المنثور (١٤/ ٢٢٣).
(٢) أحكام القرآن (٤/ ١٧٥).
(٣) انظر: روح المعاني (١٣/ ١٧٠).
(٤) انظر: (٤٩٦ - ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>