للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عليه: أن خوفهم هذا راجع إلى المحو والإثبات في السعادة والشقاوة، وهذا لا إشكال في وقوع المحو والإثبات فيه (١).

الاعتراض الخامس: أن العموم المستفاد من قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]، شاملٌ لكل شيء؛ فما من شيء من المقادير إلا وهو قابلٌ للمحو والإثبات.

والجواب عليه: أن هذا عام مخصوص بالكلمات الثلاث، ووجه اختصاصه ما تقدم قريبًا في وجوه قصر المحو والإثبات على الكلمات الثلاث.

لكن لا يمنع هذا شموله للمحو والإثبات في الشرائع، ولا شموله أيضًا لمحو ما ليس فيه ثواب ولا عقاب (٢).

وبهذا يظهر الجواب عن القول الثالث، وهو أن المحو والإثبات لشيء خاص وهو ما ليس فيه ثواب ولا عقاب.

وزيادة في تحريره يقال: في قول الله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩]، المثبت عند أصحاب هذا القول: ما فيه ثواب وعقاب، والممحو: ما ليس فيه ثواب وعقاب، فكأن الله سبحانه قال: أمحو ما ليس فيه ثواب وعقاب، وأثبت ما فيه ثواب وعقاب.

وهذا لا يصح، لأن محو ما ليس فيه ثواب ولا عقاب حتمٌ - تفضلًا من الله والله سبحانه علقه بالمشيئة؛ والشيء إذا كان حتمًا لا


(١) انظر هذه الاعتراضات الأربعة في روح المعاني (١٣/ ١٧١ - ١٧٢)، وانظر: قطر الولي (٤٩٧ - ٥٠٢) للاعتراضين الأول والثاني منهما.
(٢) انظر: قطر الولي (٥٠٣ - ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>