للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ففي هذا الحديث ومع حديث غلام الخضر ما يدل على أن قوله : (كل مولود) ليس على العموم.

فعندهم أن النبي أخبر أن الله خلق هذا الغلام كافرًا، وإذا كان كذلك استحال أن يكون ولد على الفطرة، لأن قول النبي فيه ذلك هو إخبار وحي، لا حكم دنيوي.

وكذلك الحديث الآخر أخبر فيه أن من الأطفال من يولد مؤمنًا فهو على الفطرة، ومنهم من يولد كافرا فليس هو على الفطرة.

ووجَّهوا العموم في قوله : (كل مولود) بأن الخصوص جائز دخوله على هذا اللفظ في لسان العرب، كما في قول الله ﷿: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الأحقاف: ٢٥]، وهي لم تدمر السموات والأرض (١).

والصواب أن الحديث على عمومه، لأنه جاء بألفاظ تدل دلالة قطعية على إرادة العموم، منها: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة) (٢)، و (كل بني آدم يولد على الفطرة) (٣).

وأما ما استدلوا به من أحاديث فسيأتي الكلام عليها (٤) (٥).


(١) انظر: التمهيد (١٨/ ٥٩ - ٦٣)، وقد حكى ابن عبد البر هذا القول طائفة من أهل العلم دون تسمية.
(٢) تقدم تخريجه ص (٢٨٧).
(٣) رواه الفريابي في القدر (١٢٢) ح (١٦٠).
(٤) انظر ما يأتي ص (٣١٠ و ٣١٢ و ٣١٧).
(٥) جعل ابن عبد البر هذا القول مع ضده في مسألة مستقلة؛ فجعل الخلاف في الفطرة خلافين: خلاف في العموم وعدمه، وخلاف في الحقيقة والماهية. انظر: التمهيد =

<<  <  ج: ص:  >  >>