للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخلوق على الفطرة، لأنها كلها صائرة إلى ما سبق في علم الله لها، وهذا باطل لأن النبي خصصه ببني آدم.

الثاني: أن النبي ذكر تغيير الأبوين للفطرة، ولو كان المراد بها ما سبق في علم الله للمولود لم يكن لذكر التغيير معنى، لأن الأبوين حينئذٍ لم يغيِّرا الفطرة، بل فعلا به ما هو الفطرة التي ولد عليها، والنبي مثل ذلك بالبهيمة التي ولدت جمعاء ثم جدعت، فيبين أن أبويه غيَّرا ما ولد عليه.

الثالث: أنه لو كان المراد بالفطرة ما سبق في علم الله للمولود؛ لم يكن ثم فرق بين التهويد والتنصير، وبين تلقين الإسلام وتعليمه وبين تعليم سائر الصنائع فإن ذلك كله داخل فيما سبق به العلم.

الرابع: أن النبي خص الفطرة في حال الولادة، ولو كان المراد بالفطرة ما سبق في علم الله للمولود؛ لم يكن ثم فرق بين حال الولادة وسائر أحوال الإنسان فإنه من حين كان جنينا إلى ما لا نهاية له من أحواله على ما سبق في علم الله فتخصيص الولادة بكونها على مقتضى القدر تخصيص بغير مخصص.

الخامس: أنه جاء عن النبي ما يدل أن المراد بالفطرة الإسلام كما تقدم، وهذا يرد كون الفطرة هي القدر السابق (١).

وأما جواب ما استدلوا به من أدلة:

الدليل الأول: جوابه أن يقال: كون الفطرة في اللغة البداءة لا ينافي أن يولد المولود على فطرة الإسلام، فيكون المراد: أن المولود يبتدئ أمره أن يكون على الفطرة، ثم التغيير قد يطرأ عليها فيما بعد.


(١) انظر: درء التعارض (٨/ ٣٨٧ - ٣٨٨)، وشفاء العليل (٢/ ٧٩١ - ٧٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>