للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه في ذلك الغلام وخصه بذلك العلم" (١).

خامسًا: حديث عائشة قالت: دُعي رسول الله إلى جنازة صبي من الأنصار فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه! قال: (أو غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلًا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلًا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم) (٢).

والجواب عن هذا القول أن يقال: إن أريد بكونه مفطورًا على الإنكار والمعرفة، وعلى الكفر والإيمان: أن الله قد سبق في علمه أنهم ينكرون ويعرفون، ويكفرون ويؤمنون فهذا حق، لكن ليس هو المراد بالحديث.

وإن أريد أن الإنكار والمعرفة، والكفر والإيمان كانت موجودة حين أخذ الميثاق، كما هو ظاهر قول إسحاق فإن كان هذا حقًا فهو مؤكد لكونهم وُلدوا على المعرفة والإنكار، وهذا مؤكد كذلك لكونهم ولدوا حنفاء أو على الملة.

وأما القول بأنهم انقسموا إلى طائع وكاره فهذا مشكل لأن الآثار في هذا الباب تدل على التسوية بين الناس في الإقرار.

وإن ثبت فلا يقدح في كون المولود مفطورًا على المعرفة بربه، لأن فيه أن المعرفة عامة، لكن منهم من أقر بها كارهًا، وكرهه لا يقدح في صحة معرفته، بمنزلة الذي يعرف الحق لغيره لكن لا يقر به إلا كارهًا.


(١) التمهيد (١٨/ ٨٧).
(٢) رواه مسلم: كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين (٤/ ٢٠٥٠) ح (٢٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>