للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإقرار الحاصلان بالفطرة فلا يترتب عليهما ثواب ولا عقاب، بل يتوقف ذلك على إرسال الرسل، فمن سلمت فطرته عن المعارض فآمن فله الثواب، ومن لا فكفر فعليه العقاب.

القول الخامس: أن المراد بالفطرة في الحديث: ما قضاه الله وقدره لعباده من أول أحوالهم إلى آخرها، سواء كانت حالًا واحدة لا تنتقل، أو حالًا بعد حال، أي ما يقلب الله قلوب الخلق إليه مما يريد ويشاء؛ فقد يكفر العبد ثم يؤمن فيموت مؤمنًا، وقد يؤمن ثم يكفر فيموت كافرًا، وقد يكفر ثم لا يزال على كفره حتى يموت عليه، وقد يكون مؤمنًا حتى يموت على الإيمان، وذلك كله تقدير الله وفطرته لهم (١).

ومن الأدلة عليه:

أولًا: قوله تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ [الانشقاق: ١٩].

أي: حالًا بعد حال، على ما سبق لهم في علم الله.

عن مجاهد قال: قال ابن عباس: " ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ حالًا بعد حاد، قال هذا نبيكم " (٢).

ثانيًا: حديث أبي سعيد الخدري أن النبي قال: (ألا إن بني آدم خُلقوا على طبقات شتى؛ فمنهم من يولد مؤمنًا ويحيى مؤمنًا ويموت مؤمنًا، ومنهم من يولد كافرًا ويحيى كافرًا ويموت كافرًا، ومنهم من يولد مؤمنًا ويحيى مؤمنًا ويموت كافرًا، ومنهم من يولد كافرًا ويحيى كافرًا


(١) انظر: التمهيد (١٨/ ٩٣ - ٩٤).
(٢) رواه البخاري: كتاب التفسير، ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ (٦/ ١٦٨) ح (٤٩٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>