للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا في القدر السابق بلا إشكال، ولذلك قال ابن كثير بعد حكاية هذا القول عن ابن عباس وغيرِه: "وقول الحسن في رواية عنه: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ قال: ما بين أن يخلق إلى أن يموت، ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾: ما بين أن يموت إلى أن يبعث: وهو يرجع إلى ما تقدم، وهو تقدير الأجل الخاص؛ وهو عمر كل إنسان، وتقدير الأجل العام؛ وهو عمر الدنيا بكمالها، ثم انتهائها وانقضائها وزوالها، وانتقالها والمصير إلى الدار الآخرة" (١).

وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧].

قال ابن كثير : "يبين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه، وأنه إذا قدَّر أمرًا وأراد كونه، فإنما يقول له: كن، أي: مرةً واحدةً فيكون، أي: فيوجد على وفق ما أراد" (٢).

والأظهر في ذلك والله أعلم أن القضاء والقدر من الألفاظ التي إذا اجتمعت افترقت وإذا افترقت اجتمعت (٣)، وهذا هو جواب ما جاء في النصوص من إطلاق القضاء مكان القدر.

فإذا اجتمعا؛ فيراد بالقدر: التقدير السابق، ويراد بالقضاء: وقوع المقضي على وفق ذلك التقدير.

ومع ذلك فهما متلازمان لا انفكاك لأحدهما عن الآخر.

قال الخطابي : "وجماع القول في هذا الباب أنهما أمران لا ينفك


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ٩).
(٢) المصدر السابق (٢/ ٣٩).
(٣) انظر: فتاوى ابن عثيمين (٢/ ٧٩ - ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>