الثالث: أن النبي كان يأمر رسله الدعاة بالبداءة بالتوحيد، مثل ما في حديث معاذ في بعث النبي له إلى اليمن، فعن ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ لما بعث معاذًا نحو اليمن قال له:(إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك؛ فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا؛ فاخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك؛ فخذ منهم وتَوَقَّ كرائم أموال الناس)(١).
الرابع: أن إنكار فطرية المعرفة لم يؤْثر عن أحد من أهل العلم من سلف الأمة وأئمتها.
فتحصل أن هذا القول محدَث لا أصل له في النصوص وكلام السلف، بل قد اتفق السلف على خلافه.
قال شيخ الإسلام ﵀ عنه: "ليس هذا قول أحد من سلف الأمة ولا أئمتها ولا قاله أحد من الأنبياء والمرسلين ولا هو قول كل المتكلمين ولا
(١) رواه البخاري: كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي ﷺ أمته إلى توحيد الله ﵎ (٩/ ١١٤) ح (٧٣٧٢)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (١/ ٥٠) ح (١٩).