للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن العباد يخلقون أفعالهم.

وأما الجبرية فذهب جهميتهم إلى إنكار قدرة العبد ومشيئته على أفعاله بالكلية، وزعموا أنه كالريشة في مهب الريح ليس له من أمره شيء بل هو مجبور على أفعاله.

وقد حكى عامة أصحاب المقالات (١) عن رأسهم الجهم الجبر، وأنه لا اختيار لشيء من الحيوانات في شيء مما يجري عليهم، وأنه لا فعل لأحد في الحقيقة إلا الله وحده وأنه هو الفاعل، وأن الناس مضطرون إلى أفعالهم وإنما تنسب إليهم على سبيل المجاز كما يقال تحركت الشجرة وسقط الجدار وانخسفت الشمس، حالهم في ذلك حال الجمادات.

وهؤلاء هم الجبرية الخالصة، وأما الجبرية المتوسطة؛ فهم الأشاعرة (٢)، الذين ذهبوا إلى أن للعبد كسبًا في فعله، وأن له قدرة على فعله ومشيئة لكنها غير مؤثرة في وجود الفعل.

وهذا الكسب - كما سيأتي - اختلفت في بيانه عباراتهم اختلافًا كثيرًا، واضطربوا فيه اضطرابًا عظيمًا.

وأما قدرة العبد ومشيئته فمذهبهم أنها غير مؤثرة، ومن أقوالهم في ذلك:

قال الشهرستاني: "لم يثبت شيخنا الأشعري للقدرة الحادثة صلاحية أصلًا، لا لجهة الوجود ولا لصفة من صفة الوجود" (٣).


(١) انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٣٣٨)، والفرق بين الفرق (١٨٦)، والفصل (٣/ ٣٣)، والتبصير في الدين (١٠٧)، والملل والنحل (٩٧ - ٩٨).
(٢) انظر: الملل والنحل (٩٧)، والتعريفات للجرجاني (٧٧).
(٣) نهاية الإقدام (٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>