للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جهته تعالى أو من عنده أو من قبله؛ لما جاز ذلك" (١).

وقال ابن المرتضى: "وأجمعوا أن فعل العبد غير مخلوق فيه" (٢).

واستدلوا لما ذهبوا إليه بأدلة، منها:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الملك: ٣].

قالوا: نفى الله عن خلقه التفاوت، فلا يخلو أن يكون هذا التفاوت في الخلق أو في الحكمة، والأول غير مراد لأن التفاوت في الخلق مشاهد لا يخفى، فيتعين أن المراد الثاني، وإذا كان كذلك امتنع أن تكون أفعال العباد مخلوقة له، لما فيها من التفاوت المنافي للحكمة (٣).

الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السجدة: ٧].

قالوا: الإحسان المذكور إما أن يكون المراد به أن جميع ما فعله الله سبحانه فهو إحسان، وإما أن يكون المراد به أن جميع ما فعله حسن، والأول غير مراد؛ لأن في أفعاله سبحانه ما ليس إحسانًا كالعقاب، فتعين أن الثاني هو المراد، وإذا كان كذلك؛ امتنع أن تضاف أفعال العباد إليه سبحانه لاشتمالها على ما ليس بحسن (٤).

الدليل الثالث: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٨٨].

قالوا: بيَّن سبحانه أن أفعاله كلها متقنة، والإتقان يتضمن الإحكام


(١) المصدر السابق (٧٧٨)، وانظر: المحيط بالتكليف (١/ ٣٥٦).
(٢) طبقات المعتزلة (٨).
(٣) انظر: شرح الأصول الخمسة (٣٥٥).
(٤) انظر: المصدر السابق (٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>