بمعنى: هل يكلف العبد بالقيام بالأمر مع عدم هذه الإطاقة أو لا يكلف؟ بقطع النظر عن وقوع الامتثال منه من عدمه.
فعدم التكليف لما يطاق في هذا القسم هو أن الله ﷿ لحكمته ورحمته - لم يأمر عباده وينهاهم عما إذا أرادوا امتثاله عجزوا عنه، وإن كان قد يكلفهم بما يقدرون عليه وإن لم يريدوه (١)؛ إذ لا تلازم بين أمره سبحانه الشرعي وإرادته الكونية - كما تقدم في مبحث مستقل -، يوضحه:
الثالث: أنه متعلق بالاستطاعة المتقدمة لا المقارنة.
وذلك لأن الاستطاعة المتقدمة هي التي تتعلق بالأمر والنهي دون المقارنة؛ فإنها تتعلق بالقدر، وسيأتي بيان علاقة تكليف ما لا يطاق بالاستطاعة.
وأما القسم الثاني: وهو ما لا يطاق للاشتغال بضده، فالمراد به أن المكلف المتلبس بخلاف ما أمر به غير مطيق لما أمر به، بمعنى أنه غير قادر على الإتيان به، كتكليف المشتغل عن الصلاة بغيرها في وقت أدائها، سواء كان هذا المشتغَل به مباحًا أو محرمًا أو مكروهًا أو أقل وجوبًا من الفعل المأمور به، وكتكليف الكافر بالإيمان حال كفره.
فحقيقة هذا القسم أن من لم يفعل المأمور به فقد كُلف ما لا يطيق.
ومأخذ ذلك أن الفعل لا بد في وجوده من قدرة تامة، وإرادة جازمة، فإذا انصرفت الإرادة عن الفعل المأمور به إلى ضده لم يوجد الفعل، لا لنقص القدرة، وإنما لاشتغال الإرادة؛ لأن الإرادة الجازمة لأحد الضدين تنافي إرادة الضد الآخر.