للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكل هذا وأشباهه من علم القدر الذي لزم الخلق علمه والإيمان به، والتسليم لأمر الله وحكمه وقضائه وقدره، فلا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.

الجانب الثاني: جانب خَفِيٌّ أمرنا بالإيمان به والتسليم لله فيه، وعدم الخوض فيه نظرًا وفكرًا ووسوسةً.

فهذا الجانب مما اختص به سبحانه ولم يطلع عليه أحدًا، لا ملَكًا مقرَّبًا ولا نبيًا مرسَلًا (١).

قال شيخ الإسلام : "ولهذا قال بعض علماء السلف: (إن الله علم علمًا علَّمه العباد، وعلم علمًا لم يعلِّمه العباد، وإن القدر من العلم الذي لم يعلمه العباد) (٢)، ورووا في قصة سؤال موسى وعيسى وعزير ربنا عن سِرّ القدر، وأنه لو أراد أن يُطاع لأطيع، وقد أمر أن يطاع وهو مع ذلك يُعصى.

ومضمون السؤال لو أردت هذا لكان واقعا لأنك قادر عليه، فما شئت كان وما لم تشأ لم يكن، ثم قد أمرت به والأمر يستلزم محبته وطلبه، فهلا كان المحبوب المطلوب قد أُريد وقوعه، فأوحى الله تعالى إليهم: أن هذا سِرّي فلا تسألوني عن سِرّي، وأن المسيح قال للحواريين: القدر سِرّ الله فلا تكلَّفوه (٣) " (٤).


(١) انظر: الإبانة (١/ ٢٤٦ - ٢٤٧).
(٢) رواه بنحوه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٩٤٥) رقم (١٨٠٤) بسنده عن رجل من فقهاء أهل المدينة.
(٣) رواه الطبراني (١٠/ ٣١٧ - ٣١٨) ح (١٠٦٠٦)، من حديث ابن عباس .
(٤) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٧ - ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>