للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغبي، وهكذا.

وأما هداية الدلالة؛ فمن المكلفين من يبين له الحق وأدلته على أكمل صورة بحيث لا يكون إلا معاندًا إذا لم يؤمن، كما هو حاصل في هداية الأنبياء لأقوامهم، وبخاصة نبينا ، ومنهم من تبلغه على وجه أضعف، حتى يصل إلى درجة يصعب معها الحكم بقيام الحجة عليه.

وأما هداية التوفيق؛ فمن المؤمنين من يهدى للصراط ويهدى لتفاصيل الصراط، ومنهم من يهتدي للصراط، لكن لا يهتدي لتفاصيله، إذ هذه الهداية هدايتان: هداية إلى الصراط، وهداية فيه (١)، ومن هنا يعلم خطأ من فسر قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦] بالتثبيت على الهداية، إذ أن الإنسان بحاجة إلى معرفة تفاصيل الهداية في جميع ما يأتيه ويذره، من أمور قد أتاها على غير الهداية، فهو يحتاج إلى التوبة منها، وأمور هدي إلى أصلها دون تفصيلها، أو هدي إليها من وجه فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها ليزداد هدى، وأمور هو محتاج إلى أن يحصل له من الهداية فيها في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي، وأمور هو خال عن اعتقاد فيها فهو محتاج إلى الهداية فيها، وأمور لم يفعلها فهو محتاج إلى فعلها على وجه الهداية، إلى غير ذلك من أنواع الحاجات إلى أنواع الهدايات، فمن كملت له هذه الأمور فسؤاله حينئذ سؤال تثبيت، لكن من الذي كملت له؟ (٢).


(١) انظر: شفاء العليل (١/ ٢٦٨).
(٢) انظر: الفتاوى الكبرى (٦/ ٦)، وجامع الرسائل (٩٩ - ١٠٠)، وبدائع الفوائد (٢/ ٤٤٩ - ٤٥٠)، ومدارج السالكين (١/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>