للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخلوق، وأنه ما من دابة إلا ربي آخذ بناصيتها، وهو الذي يُبتلى به كثيرًا - إما اعتقادًا وإما حالًا - طوائف من الصوفية والفقراء حتى يخرج من يخرج منهم إلى الإباحة للمحرمات وإسقاط الواجبات ورفع العقوبات وإن كان ذلك لا يستتب لهم وإنما يفعلونه عند موافقة أهوائهم كفعل المشركين من العرب.

الثالث: القدرية الإبليسية: وهم الذين صدقوا بشرع الله وقدره، ولكنهم جعلوا هذا تناقضًا، وهؤلاء كثير في أهل الأقوال والأفعال من سفهاء الشعراء ونحوهم من الزنادقة كقول أبب العلاء المعَرِّي (١):

صرف الزمان مُفَرِّقُ الإلفَين … فاحكم إلهى بين ذاك وبيني

أنهيت عن قتل النفوس تعمدًا … وبعثت أنت لقتلها ملكين

وزعمت أن لها معادًا ثانيًا … ما كان أغناها عن الحالين

ومما يتعلق به أصحاب هذا القول من شُبه:

الشبهة الأولى: أنه ما ذنب المذنب إذا كان الله سبحانه قد كتب عليه الذنب وخلقه فيه؟ ولماذا يعاقب على ذنبه والحال هذه؟

الشبهة الثانية: أن العاصي إنما عصى لأن الله لم يرد منه الطاعة، إذ لو أرادها لوقعت، إذ لا راد لمشيئته سبحانه، فكيف يلام ويعاقب على عدم إرادة الله لطاعته؟


(١) انظر: معجم الأدباء لياقوت (١/ ٣٣٨)، وهو: أبو العلاء، أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري الزنديق، ولد في معرة النعمان سنة (٣٦٣ هـ)، ومات فيها، من كتبه: "رسالة الغفران"، و"رسالة الملائكة"، له كلام وأشعار في الزندقة، هلك سنة (٤٤٩ هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (١٨/ ٢٣)، وبغية الوعاة (١/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>