للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشقها على العامة" (١).

ومذهب هؤلاء باطل ببطلان ما بنوه عليه، ويزيده بطلانًا أمور:

الأول: أن حقيقة الرضا فعل ما يرضي الله سبحانه، ورضا ما يرضاه وسخط ما يسخطه، كما قال النَّصرابَاذي: (٢) "من أراد أن يبلغ محل الرضا فليلزم ما جعل الله رضاه فيه" (٣).

وقال القشيري : "واعلم أن الواجب على العبد أن يرضى بالقضاء الذي أُمر بالرضا به؛ إذ ليس كل ما هو بقضائه يجوز للعبد أو يجب عليه الرضا؛ كالمعاصي، وفنون محن المسلمين" (٤).

الثاني: أن الأدلة الصحيحة الصريحة دلت على أن الله سبحانه لا يحب الفسوق والكفر ولا يرضاه، كقوله تعالى: ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ [الزمر: ٧]، وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٩٦].

فكيف يؤمر العبد بالرضا بما سخطه الله سبحانه؟!

الثالث: أن الأدلة قد دلت على التفريق بين قضاء الله سبحانه الذي هو فعله وبين المقضي المفعول، فالرضا المطلق إنما هو في فعل الله سبحانه، وأما المفعول المنفصل ففيه تفصيل تقدم.


(١) منازل السائرين (١٩).
(٢) هو: أبو القاسم، إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمويه الخراساني النصراباذي النيسابوري الزاهد شيخ الصوفية، صحب الشبلي وأبا علي الروذباري والمرتعش، مات بمكة سنة (٣٦٧ هـ).
انظر: تاريخ بغداد (٧/ ١٠٧)، وسير أعلام النبلاء (١٦/ ٢٦٣).
(٣) الرسالة القشيرية (٣٤٠).
(٤) الرسالة القشيرية (٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>