للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحسن والقبيح الشرعيان: فهما المأمور والمنهي، فما أمر به فهو حسن، وهو متضمن للمدح والثواب، وما نهي عنه فهو قبيح، وهو متضمن للذم والعقاب (١).

والحسن والقبح في الأشياء أمران وجوديان، وليسا عدميين، لأنهما صفتان ثبوتيتان، فالحسَن حسُن لصفة أوجبت حسنه، والقبيح قبُح لصفات أوجبت قبحه، وهذه أمور وجودية، وكل منهما إنما حصل لعدم نقيضه، فلما كان نقيضه عدميًّا وجب أن يكون هو وجوديًّا (٢).

ومن هنا كانت الأفعال عند أهل السنة ثلاثة أقسام:

الأول: ما علم حسنه أو قبحه بالعقل قبل ورود الشرع، وهو ما كان مشتملًا على مصلحة أو مفسدة، كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة للعالم والظلم مشتمل على مفسدة لهم، فحسن العدل وقبح الظلم يعرف بالعقل لكن لا يلزم من هذا القبح أن يكون فاعله معاقبًا في الآخرة أو مذمومًا إلا إن يرد بذلك الشرع.

الثاني: ما توقفت معرفة حسنه وقبحه على الشرع، فصفة الحسن والقبح هنا استفيدت من الشرع ولا مدخل للعقل فيها.

الثالث: ما كان من قبيل الامتحان، وهذا مرجعه إلى الشرع، والحسن فيه عائد إلى نفس الأمر لا إلى المأمور به؛ إذ المأمور به غير مراد، فالأمر لما اشتمل عليه من مصلحة وحكمة حسن من الشارع، وما اشتمل عليه المأمور به من


(١) انظر: شرح الكوكب المنير (١/ ٣٠٢).
(٢) انظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ٣٧٣ - ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>