للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى، فتخلف المسبب لا يستلزم منه خروج السبب عن اقتضائه لأثره.

وأيضًا فكونه ذاتيًّا المراد به أنه وصف للفعل ناشئ عن معنى تضمنه، فالقبح وصف ذاتي للكذب، لأنه متضمن لهدر الحقوق وضياع الأمانات، وفساد معيشة الناس، والحسن وصف ذاتي للعفاف لأنه متضمن حفظ أعراض الناس وأنسابهم، وهكذا. . . (١).

ولهذه العلاقة بين المصلحة والمفسدة والحسن والقبح قسم أهل العلم الأفعال من حيث لزوم الحسن والقبح لها من عدمه إلى قسمين (٢):

- ما لا يتغير حسنه وقبحه بحال ولا شخص، كالشرك بالله سبحانه؛ فإنه يقبح من كل أحد وفي كل حال، وكشكر المنعم فإنه حسن من كل أحد وفي كل حال.

وضابط هذا القسم أن يكون الفعل واجبًا لنفسه أو محظورًا لنفسه، فالحسن والقبح وصفان لازمان عندئذ، فلا يتغير حكمه ولا يرد الشرع بخلافه.

- ما يتغير حسنه وقبحه تبعًا للمصلحة والمفسدة، بتغير الأحوال والأشخاص، فالكذب قبيح في أصله لكنه يحسن إذا كان لدفع شر أكبر منه، كالكذب لدفع القتل عن نبي، وبالمقابل؛ فالصدق حسن في نفسه لكنه يقبح في هذه الحالة.

وضابط هذا القسم أن يكون الفعل منوطًا بالمصلحة، فالحسن والقبح فيه عندئذ تابع للمصلحة، حالًا وشخصًا ومكانًا وزمانًا. . . وليس وصفًا لازمًا.


(١) انظر: المصدر السابق (٢/ ٣٧٥ - ٣٩٣).
(٢) انظر: المسودة في أصول الفقه (٢/ ٨٧٧ - ٨٧٨)، وشرح الكوكب المنير (١/ ٣٠٦ - ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>