للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخبر في هذه الآية عن حال الدعاة إلى الضلال من رؤوس الكفر والبدع؛ أنهم يخاصمون في الدين بلا عقل صحيح، ولا نقل صحيح صريح، بل بمجرد الرأي والهوى (١)، وهذا على سبيل الذم لهم.

ويدل كذلك لما نحن بصدده - دلالة أظهر - ما تقدم من قوله : ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣].

وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: ٣٦] (٢).

ومما لا شك فيه أن أولى ما يدخل في النهي عن القول بغير علم الكلام في مسائل الاعتقاد، ومن أولى ذلك الكلام في القدر لأمور:

الأول: النهي الخاص عن الخوض فيه كما تقدم.

الثاني: الارتباط الوثيق بين باب القدر وسائر أبواب الاعتقاد الأخرى، وكذلك الارتباط بين الشرع والقدر.

الثالث: خطورة باب القدر؛ فالزلل فيه هُوَّة عميقة ضلَّ فيها خلق لا يحصيهم إلا الله ، وهذا دليل واقعي على أن الخوض فيه بلا مستند من الوحي لا يؤدي إلى خير؛ ينضم إلى الأدلة الشرعية في النهي عن ذلك.

وقد تقدم شيء من هذا لكن اقتضى المقام إعادة الكلام فيه، وبالله التوفيق.


(١) انظر: المصدر السابق (١٠/ ١٩ - ٢٠).
(٢) انظر ص (٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>