للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالصُّبَاةُ مَعَهُ قَدْ أَجْتمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَذَا أَزَبُّ الْعَقَبَةِ, هَذَا ابْنُ أَزْيَبَ، أَمَا وَاللهِ لَأَفْرُغَنَّ لَكَ ارْفَعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ".

فَقَالَ الْعَبَّاسُ بن عُبَادَةَ أخو بني سالم: يا رسول الله وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَئِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا، فَقَالَ: "إنا لَمْ نؤمَرْ بِذَلِكَ"، فرحنا إلى رحالنا فاضطجعنا، فلما أَصْبَحْنَا، أقبلت جُلَّةُ من قُرَيْشٍ فيهم الحارث بن هشام، فتى شاب وعليه نعلان له جديدتان، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إلى صَاحِبِنَا لتَسْتَخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، وإنه وَاللهِ مَا مِنْ الْعَرَبِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنْكُمْ، فَانْبَعَثَ مَنْ هُنَاكَ مِنْ قومنا من المشركين يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللهِ، مَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، وَمَا فعلناه، فلما تثور القوم لينطلقوا قُلْتُ كَلِمَةً كَأَنِّي أُشْرِكَهم في الكلام: يَا أَبَا جَابِرٍ -يريد عبد الله بن عمرو- أَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا وكهل من كهولنا, لا تستطيع أَنْ تَتَّخِذَ مِثْلَ نَعْلَي هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَمِعَهَا الْحَارِثُ، فرَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، وقَالَ: وَاللهِ لتلبسنهما، فقَالَ أبو جَابِرٍ: مهلًا أَحْفَظْتَ لعمر الله الرجل -يقول: أخجلته- أردُدْ عليه نَعْلَيْهِ، فَقُلْتُ: لا وَاللهِ لَا أَرُدَّهُمَا، فقَالَ: صُلْحٌ إني لأرجو أن أسلبه (١).

١٩ - فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ أصحابه بالهجرة إلى المدينه، وأقام - صلى الله عليه وسلم - ينتظر الإذن بالهجرة وحبس معه أبا بكر وعليًا - رضي الله عنهما -.

[الشرح]

رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - دار الهجرة في رؤية منامية أراها الله إياه؛ فكان ذلك وحيًا من الله وإيذانًا له - صلى الله عليه وسلم - بأن يأمر أصحابه بالهجرة لبدء مرحلة جديدة من الجهاد


(١) صحيح: أخرجه ابن إسحاق، في "السيرة" ٢/ ٢٧، ٣٣، أحمد ٣/ ٤٦، ٤٦٢، ابن جرير الطبري في "تاريخه" ٢/ ٩٠، ٩٣، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" (١٧٧): هذا سند صحيح.

<<  <   >  >>