للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى جاء البيت، فطاف به سبعًا على راحلته، يستلم الركن بمِحْجَن (١) في يده، فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، ففُتحت له، فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان، فكسرها بيده ثم طرحها، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكفَّ (٢) له الناس في المسجد (٣).

وعن جَابِر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ عُمَرَ بن الْخَطَّاب - رضي الله عنه - زَمَنَ الْفَتْحِ، وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، أَنْ يَأْتِيَ الْكَعْبَةَ فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا، فلَمْ يَدْخُلْها النبي - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى مُحِيَتْ كُلُّ صُورَةٍ فِيهِا.

وفي رواية: فَبَلَّ عُمَرُ ثَوْبًا وَمَحَاهَا بِهِ (٤).

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ فَوَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ، وَصُورَةَ مَرْيَمَ، فَقَالَ: "أَمَا لَهُمْ فَقَدْ سَمِعُوا أنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيتًا فِيهِ صُورَةٌ، هَذَا إِبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ" (٥).

وهكذا تم تطهير البيت العتيق من مظاهر الوثنية وأوضار الجاهلية، ليعود كما أراد له الله تعالى وكما قصد ببنائه إبراهيم وإسماعيل، مكانًا لعبادة الله وتوحيده، ولا شك أن تطهير البيت من الأصنام كان أكبر ضربة للوثنية في أرجاء الجزيرة العربية حيث كانت الكعبة أعظم مراكزها (٦).

[النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس بعد الفتح]

عن عَمْرِو بن حُرَيْثٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ


(١) المِحْجَن: عود مِعْوَجُّ الطرف، يمسكه الراكب للبعير في يده.
(٢) استكفَّ الناس: أي: اجتمعوا.
(٣) إسناده حسن: أخرجه ابن هشام في "السيرة" عن ابن إسحاق بإسناد حسن.
(٤) صحيح: أخرجه أحمد ٣/ ٣٣٥، ٣/ ٣٩٦، وأبو داود (٤١٥٦)، كتاب: اللباس، باب: في الصور، وصححه الألباني.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٣٣٥١)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥)} [النساء: ١٢٥].
(٦) "السيرة النبوية الصحيحة" ٢/ ٤٨٣، ٤٨٤.

<<  <   >  >>