للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} إلى قَوْلِهِ: {فَوْزًا عَظِيمًا (٥)} [الفتح: ١ - ٥]، مَرْجِعَهُ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهُمْ يُخَالِطُهُمْ الْحُزْنُ وَالْكَآبَةُ، وَقَدْ نَحَرَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ (١)، فَقَالَ: "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا جَمِيعًا" (٢).

[قال ابن سعد - رحمه الله -]

أقام بالحديبية بضعة عشر يومًا، ويقال عشرين ليلة، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كانوا بضجنان (٣) نزلت عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)} فقال جبريل: نهنئك يا رسول الله، وهنأه المسلمون (٤).

[٢٢ - وفي هذه السنة: نزل فرض الحج.]

[الشرح]

[قال ابن كثير - رحمه الله -]

فيها - أي: في سنة ست - نزل فرض الحج، كما قرره الشافعي - رحمه الله -، زمن الحديبية، في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]. ولهذا ذهب إلى أن الحج على التراخي لا على الفور؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحج إلا في سنة عشر، وخالفه الثلاثة: مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، فعندهم أن الحج يجب على كل من استطاعه على الفور، ومنعوا أن يكون الوجوب مستفادًا من قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وإنما في هذه الآية الأمر بالإتمام بعد الشروع


(١) أي أنهم خالطهم الحزن والكآبة لأنه قد حيل بينهم وبين البيت فلم يعتمروا وقد كانوا جهزوا أنفسهم للعمرة حتى إنهم قد نحروا الهدي.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٧٨٦)، كتاب: الجهاد والسير، باب: صلح الحديبية.
(٣) ضجنان: اسم جبل قريب من مكة.
(٤) "الطبقات الكبرى" ٢/ ٩٤.

<<  <   >  >>