للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدره، ثم يقول: لا تزال هكذا أو تُفارق دين محمَّد، فيقول بلال: أحدٌ أحد قال: فلما رآه قال: رأسُ الكفر أمية بن خلف، لا نجوتُ إن نجا، قال: قلتُ: أي بلال، أَبِأَسيري؟! قال: لا نجوتُ إن نجا، قال: قلتُ: أتسمع يا ابن السوداء؟ قال: لا نجوتُ إن نجا، قال: فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المَسَكَة (١) وأنا أذبُّ عنه، قال: فأخلف رجلٌ السيفَ (٢)، فضرب رِجْلَ ابنه فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعتُ مثلها قط، قال: فقلتُ: انج بنفسك، ولا نجاء بك، فوالله ما أُغْني عنك شيئًا، قال: فهبروهما (٣) بأسيافهم، حتى فرغوا منهما، قال: فكان عبد الرحمن يقول: يرحم الله بلالًا، ذَهَبتْ أدراعي، وفجعني بأسيري (٤).

فانتهت المعركة بهزيمة المشركين هزيمة نكراء، ونصر كبير للمسلمين.

[عدد القتلي والأسرى من المشركين في المعركة]

عن الْبَرَاء بن عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: وكان النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، سَبْعِينَ أَسِيرًا، وَسَبْعِينَ قَتِيلًا (٥).

[بعد انتهاء المعركة]

عن أَنَس بن مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَنْطرُ لَنَا مَا صَنِعَ أبو جَهْلٍ؟ "، فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَكَ، قَال: فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: آنْتَ أبو جَهْلٍ؟ فَقَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ (٦) أَوْ قَالَ:


(١) المَسَكَةُ: السوار، أو الأسورة.
(٢) أي أخرجه من غمده.
(٣) هبروهما: أي قطعوا لحمهما.
(٤) حسن: أخرجه ابن هشام في "السيرة" ٢/ ١٥٠، ١٥١، بأسانيد حسنة إلى عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - وأخرجه البخاري (٢٣٠١)، كتاب: الوكالة، باب: إذا وكَّل المسلم حربيًا في دار الحرب أو في دار الإِسلام جاز. مختصرًا.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٣٩٨٦)، كتاب: المغازي، باب: (١٠).
(٦) أي: لا عار عليَّ في قتلكم إياي "شرح مسلم" للنووي.

<<  <   >  >>