للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلدِّ أعداء الإِسلام في مكة، وأشدها ظلمًا لضعفاء المسلمين، وهو أمية بن خلف.

عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان أمية بن خلف لي صديقًا بمكة، وكان اسمي عبد عمرو، فَتَسَمَّيتُ -حين أسلمتُ- عبد الرحمن، ونحن بمكة، فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول: يا عبد عمرو، أرغبت عن اسم سمَّاكه أبوك؟ فأقول: نعم، فيقول: فإني لا أعرف الرحمن، فاجعل بيني وبينك شيئًا أدعوك به، أمَّا أنت فلا تجيبني باسمك الأول، وأما أنا فلا أدعوك مما لا أعرف! قال: فكان إذا دعاني: يا عبد عمرو، لم أجبه، قال: فقلتُ له: يا أبا علي اجعل ما شئت، قال: فأنت عبد الإله، قال: فقلت نعم، قال: فكنت إذا مررتُ به قال: يا عبد الإله فأجيبه فأتحدث معه، حتى إذا كان يوم بدر مررتُ به وهو واقف مع ابنه عليّ بن أمية آخذ بيده، ومعي أدراع قد استلبتها، فأنا أحملها، فلما رآني قال لي: يا عبد عمرو، فلم أجبه، فقال: يا عبد الإله فقلتُ: نعم، قال: هل لك فيَّ، فأنا خير لك من هذه الأدرع التي معك؟ قال: قلتُ: نعم، ها الله (١) إذًا، قال: فطرحتُ الأدراع من يدي، وأخذت بيده ويد ابنه وهو يقول: ما رأيتُ كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن -أي من أَسَرَني افتديتُ منه بإبل كثيرة اللبن- ثم خرجت أمشي بهما، فقال أمية بن خلف: يا عبد الإله، من الرجل منكم المعَلَّم بريشة نعامة في صدره؟ قال: قلتُ: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل، قال عبد الرحمن: فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي - وكان هو الذي يعذب بلالًا بمكة على ترك الإِسلام-، فيخرجه إلى رمضاء (٢) مكة إذا حَمِيَتْ، فيضجعه على ظهره، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتُوضع على


(١) مما يستعملونه في القسم أن يحذفوا حرف القسم ويذكروا في مكانه (ها) فكأنه قال: نعم والله إذًا.
(٢) الرمضاء: الرمل الشديد الحرارة من الشمس.

<<  <   >  >>