للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبَيْتِ، فَاخْتَصَمُوا مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - كِتَابًا لَنْ تَضلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ رَسُولُ الله: "قُومُوا"، قَالَ عُبَيدُ الله: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ (١).

[النبى - صلى الله عليه وسلم - ينعى نفسه إلى فاطمة -عليها السلام-]

وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَم يُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةً، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"مَرْحَبًا بِابْنَتِي" فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا، فَبَكَتْ فَاطِمَةُ، ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ أَيْضًا، فَقُلْتُ: لَهَا مَا يبكِيكِ، فَقَالَت: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَقُلْتُ لَهَا: حِينَ بَكَتْ أَخَصَّكِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِحَدِيثِهِ دُونَنَا، ثُمَّ تَبْكِينَ، وَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ: فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، حَتَّى إِذَا قُبِضَ سَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ حَدَّثَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ في الْعَامِ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي، وإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بِي، وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ، فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّنِي فَقَالَ:"أَلَا تَرضَيْنَ أَنْ تكونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ"، فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ (٢).

وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَت: فَاطِمَةُ- عَلَيْهَا


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (١١٤)، كتاب: العلم، باب: كتابة العلم، ومسلم (١٦٣٧)، كتاب: الوصية، باب: ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٣٦٢٣، ٣٦٢٥) الأنبياء، ومسلم (٢٤٥٠) فضائل الصحابة.

<<  <   >  >>