للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصعد على صخرة - ليجلس عليها- فلم يستطع - من شدة ما فيه من إصابات وإرهاق شديد- فَأَقْعَدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَهُ طَلْحَةَ - رضي الله عنه - ثم صعِدَ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الصَّخْرَةِ، ثم قَالَ النَّبُيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْجَبَ طَلْحَةُ" (١).

ثم أخذت فَاطِمَةُ - رضي الله عنها - تغسل الدم عن وجه أبيها - صلى الله عليه وسلم - وَعَلِيُّ بن أبي طَالِبٍ يَسْكُبُ عَلَيْهَا بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ - رضي الله عنها - أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى صَارَ رَمَادًا ثُمَّ أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ (٢).

الله -عَزَّ وَجَلَّ- يُهدِّىءُ من روع المؤمنين بالنعاس:

ثم أنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- النعاس على المسلمين تهدئة لروعهم، وراحة لأجسادهم من عناء القتال. يقول الله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: ١٥٤].


= أراد الله هدايتهم -فأنزل عليه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} - فقال عليه الصلاة والسلام لما طمع بإسلامهم: "اللَهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإنَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" "السيرة النبوية الصحيحة" ٢/ ٣٨٨.
(١) حسن: أخرجه الترمذي (٣٧٣٨)، كتاب: المناقب، باب: مناقب أبي محمد طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - , وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٢٥٤٠) ومعنى قوله: "أَوْجَبَ طَلْحَةُ" أي: أوجب لنفسه الجنة. والله أعلم.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٠٧٥)، كتاب: المغازي، باب: ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد، ومسلم (١٧٩٠)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد.

<<  <   >  >>