للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر مَنْ بالمدينة خبر المعركة، ومقتل قادة المسلمين الثلاثة، وأخذ خالد - رضي الله عنه - الراية، ثم انسحابه، وهو يبكي - صلى الله عليه وسلم - وعيناه تذرفان.

عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قال نَعَى النبي - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا، وَجَعْفَرًا، وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ الله حَتَّى فَتَحَ الله عَلَيْهِمْ (١).

وهذه من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -، حيث أخبر الناس خبر القوم قبل أن يأتيه الرسول بالخبر، وقد سمَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - انسحاب خالد - رضي الله عنه - المنظم بالجيش فتحًا، وإنما ذلك لما أوقعه المسلمون بالروم من خسائر رغم تفوقهم العددي الكبير (٢).

[بعض الأحداث المتعلقة بالغزوة]

عن ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَعْفَرٍ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ قَتِيلٌ، قال: فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ لَيْسَ مِنْهَا شَيْء في دُبُرِهِ - يَعْنِي: في ظَهْرِهِ (٣).

وفي رواية أن ابن عمر قال: فَالْتَمَسْنَا مَا في جَسَدِهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ مِنْ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ (٤).

والظاهر هنا -والله أعلم- أَنَّ الْعَدَدَ ليس بمَفْهُوم؛ وإنما أراد ابن عمر - رضي الله عنه - أن يُكنّى عن كثرة الطعنات (٥).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٤٢٦٢)، كتاب: المغازي، باب: غزوة مؤتة من أرض الشام.
(٢) "السيرة النبوية الصحيحة" ٢/ ٤٦٩.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٤٢٦٠)، كتاب: المغازي، باب: غزوة مؤتة.
(٤) السابق (٤٢٦١).
(٥) انظر: "فتح الباري" ٧/ ٥٨٥.

<<  <   >  >>