للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمر ما تستطيع أن تكلمه فيه، فالتفت إلى فاطمة فقال: يا ابنة محمَّد هل لك أن تأمري بنيَّك هذا فيجير بين الناس فيكون سيِّد العرب إلى آخر الدهر؟ قالت: والله ما بلغ بنيَّ ذلك أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم -, قال: يا أبا الحسن، إني أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني، قال: والله ما أعلم لك شيئًا يغني عنك شيئًا, ولكنك سيد بني كنانة فقم فأجر بين الناس، ثم الحق بأرضك، قال: أو ترى ذلك مُغْنيًا عني شيئًا؟ قال: لا والله ما أظنه ولكني لا أجد لك غير ذلك، فقام أبو سفيان في المسجد فقال: أيها الناس إني قد أجرت بين الناس، ثم ركب بعيره فانطلق، فلما قدم على قريش قالوا: ما وراءك؟ قال: جئت محمدًا فكلمته، فوالله لم يردَّ علىَّ شيئًا، ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد منه خيرًا، ثم جئت ابن الخطاب فوجدته أعدى العدو، ثم جئت عليًّا فوجدته ألين القوم، وقد أشار عليَّ بشيء صنعته، فوالله ما أدري هل يغني ذلك شيئًا أم لا؟ قالوا: وبم أمرك؟ قال أمرني أن أُجير بين الناس ففعلت، قالوا: فهل أجاز ذلك محمَّد؟ قال: لا، قالوا: ويلك! والله إن زاد الرجل على أن لعب بك، فما يغني عنك ما قلت، قال: لا والله ما وجدت غير ذلك. اهـ (١).

١٤ - وفي رمضان من هذه السنة: أرسل حاطب بن أبي بلتعه كتابًا إلى قريش يخبرهم بمَسير رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إليهم، فعذره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعفا عنه.

[الشرح]

عَنْ جَابِرِ بن عبد الله - رضي الله عنهما - أَنَّ حَاطِبَ بن أبي بَلْتَعَةَ كَتَبَ إلى أَهْلِ مَكَّةَ، يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَرَادَ غَزْوَهُم، فَدُلَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا الْكِتَابُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأُخِذَ كِتَابُهَا مِنْ رَأْسِهَا، وَقَالَ: "يَا حَاطِبُ أَفَعَلْتَ؟ "، قَالَ:


(١) "سيرة ابن هشام" ٤/ ٧، ٨.

<<  <   >  >>