وأما الواقدي، فذكر أن محمَّد بن سهل بن أبي حَثْمَة حدثه عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث ابن أبي حَدْرَد في هذه السرية مع أبي قتادة، وأن السرية كانت ستة عشر رجلاً، وأنهم غابوا خمس عشرة ليلة، وأن سهمانهم كانت اثني عشر بعيرًا يُعْدَلُ البعير بعشر من الغنم وأنهم أصابوا في وجوههم أربع نسوة، فيهن فتاة وضيئة، فصارت لأبي قتادة، فكلم محمية بن الجزء فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا قتادة عنها فقال: اشتريتها من المغنم، فقال: هَبْها لي، فوهبها له، فأعطاها رسول الله محميةَ بن جزء الزُّبَيْديّ (١).
[١٢ - وفي شعبان من هذه السنة: نقضت قريش عهدها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.]
[الشرح]
كما تقدم في صلح الحديبية كان من بنود المعاهدة بين المسلمين والمشركين أنه من أراد أن يدخل في حلف المسلمين وعهدهم دخل فيه ومن أراد أن يدخل في حلف قريش وعهدهم دخل فيه، وأن القبيلة التي تنضم إلى أيِّ من الفريقين تعتبر جزءًا من هذا الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من تلك القبائل يعتبر عدوانًا على ذلك الفريق، وأن خزاعة دخلت في حلف المسلمين، ودخلت بنو بكر في حلف المشركين.
ثم كان من أمر القبيلتين أنه كان بينهما ثأر قديم قبل تلك المعاهدة، فغدرت بنو بكر بخزاعة ولم تحترم المعاهدة، فوثبوا على خزاعة ليلاً بماء يقال له: الوتير، وهو قريب من مكة، وقالت قريش: ما يعلم بنا محمَّد وهذا الليل وما يرانا أحد، فأعانوهم عليهم بالسلاح وقاتل معهم من قاتل بالليل مُستخفيًا،
(١) "تاريخ الطبري" ٣/ ٢٠، ٢١، من رواية بن إسحاق بسند صحيح، لولا عنعنة ابن إسحاق.