والذي عليه الجمهور أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ير ربه بعينيه قط إنما رآه بفؤاده، وأنه لا تعارض بين ما ذهب إليه ابن عباس وما ذهبت إليه عائشة - رضي الله عنه -، وذلك أنه ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: رآه بقلبه. مسلم (١٧٦). وفي لفظ أنه قال في قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} وقوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} قال: رآه بفؤاده مرتين. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: جاءت عن ابن عباس أخبار مطلقة، وأخرى مقيدة فيجب حمل مطلقها على مقيدها ... وعلى هذا فيمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة بأن يُحمل نفيها علي رؤية البصر، وإثباته على رؤية القلب ثم المراد برؤية الفؤاد رؤية القلب، لا مجرد حصول العلم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان عالمًا بالله على الدوام، بل مراد من أثبت له أنه رآه بقلبه أنّ الرؤية التي حصلت له خلقت في قلبه كما تخلق الرؤية بالعين لغيره الرؤية لا يشترط لها شيء مخصوص عقلًا، ولو جرت العادة خلقها في العين. اهـ.