للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيفه شبرًا ثم حبسه الله تعالى فلم يقدر على سلَّه، وجعل عامر يومئ إليه، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى أربد وما يصنع بسيفه, فقال: "اللهم اكفنيهما بما شئت"، فأرسل الله تعالى على أَرْبَد صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته، وولى عامر هاربًا وقال: يا محمد دعوت ربك فقتل أربد، والله لأملأنها عليك خيلا جردًا وفتيانًا مردًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يمنعك الله تعالى من ذلك وابنا قيلة" - يريد الأوس والخزرج - فنزل عامر بيت امرأة سلولية، فلما أصبح ضمّ عليه سلاحه، فخرج وهو يقول: واللات والعزى لئن أصحر محمَّد إليّ وصاحبه - يعني ملك الموت - لأنفذنّهما برمحي، فلما رأى تعالى ذلك منه أرسل ملكًا فلطمه بجناحيه فأذراه في التراب، وخرجت على ركبته غدة في الوقت عظيمة كغدة البعير، فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول: غدّة كغدة البعير وموت في بيت السلولية، ثم مات على ظهر فرسه، وأنزل الله تعالى فيه هذه القصة: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ} حتى بلغ {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [الرعد: ١٣ - ١٤] (١).

٢٢ - وفي هذه السنة: قدم وفد طيِّئ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيهم زيد الخير، فأسلموا.

[الشرح]

وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد طيئ فيهم زيد الخيل، وهو سيدهم، فلما انتهوا إليه كلَّموه وعرض عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإسلام، فأسلموا، فحسن إسلامهم، وسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد الخير (٢).


(١) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (١٥٩، ١٦٠)، والبيهقي في "الدلائل" ٥/ ٣٢٠، وابن هشام في "السيرة" ٤/ ١٢٢ - ١٢٤، وانظر: "البداية والنهاية" ٥/ ١٢٥ - ١٢٨.
(٢) "سيرة ابن هشام" ٤/ ١٢٩.

<<  <   >  >>