أيها الناس إني قد قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهدا عَهِده إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيدبر أمرنا- يقول: يكون آخرنا- وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسولَه -صلى الله عليه وسلم-، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هدى له رسوله، إن الله قد جمعكم على خيركم- صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثاني اثنين إذ هما في الغار- فقوموا فبايعوه.
فبايع الناس أبا بكر البيعة العامة بعد بيعة السقيفة.
فتكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله، ثم قال: أما بعد أيها الناس، فإني قد ولُيت عليكم، ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي، حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله؛ فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله (١).
١٣ - وفي يوم الثلاثاء الثالث عشر من ربيع الأول من هذه السنة دفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
[الشرح]
عَنْ عَائِشَة -رضي الله عنها- قَاَلَتْ لَمَّا مَاتَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- اخْتَلَفُوا في اللَّحْدِ وَالشَّقِّ،
(١) أخرجه عبد الرزاق في"المصنف" ٥/ ٤٣٧، ٤٣٨ وسنده صحيح، وابن إسحاق في "السيرة" كما في "سيرة ابن هشام" ٤/ ١٨٣، وسنده أيضًا صحيح وصرح ابن إسحاق فيه بالتحديث.