للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧)} إلى قوله: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (٨٠)} [مريم: ٧٧ - ٨٠] (١).

[وكان ممن عذب صهيب الرومي]

قال ابن حجر نقلاً عن البغوي:

وكان من المستضعفين ممن يعذب في الله (٢).

ولما أقبل أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - إلى مكة مؤمنًا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ارْجِعْ إلى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي" فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله, فثَارَ عليه الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ، فَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ, فَقَالَ: وَيْلَكُمْ! أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ، وَأَنَّ طَرِيقَ تُجَّارِكُمْ إِلَى الشَّامِ عَلَيْهِمْ، فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ عَادَ مِنْ الْغَدِ بِمِثْلِهَا، وَثَارُوا إِلَيْهِ فَضَرَبُوهُ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ فَأَنْقَذَهُ (٣).

فهذا قليل من كثير مما لاقاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من كفار مكة لإرغامهم على ترك عقيدة التوحيد.

ووالله ما كان هذا منهم لتكذيبهم له - صلى الله عليه وسلم -، فهم يعلمون جيدًا أنه الصادق، وقد شهدوا له بذلك حتى بعد مبعثه - صلى الله عليه وسلم -، ولكن الذي حملهم على ذلك جحودهم وظلمهم وكبرهم! قال تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا


(١) متفق عليه أخرجه البخاري (٢٤٢٥) , كتاب: الخصومات، باب: التقاضي، ومسلم (٢٧٩٥) كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: سؤال اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الروح.
(٢) "الإصابة" ٢/ ٩٠٩.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٢٤٧٣) كتاب: فضائل الصحابة, باب: فضائل أبي ذر.

<<  <   >  >>