للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عروة مثل صاحب ياسين، دعا قومه إلى الله فقتلوه" (١).

[٢٤ - وفي رمضان من هذه السنة: قدم وفد ثقيف من الطائف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا ورجعوا إلى قومهم, فما زالوا بهم حتي أسلموا.]

[الشرح]

مكثت ثقيف بعد قتل عروة أشهرًا، ثم إنهم ائتمروا بينهم ورأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب، وقد بايعوا وأسلموا، فائتمروا فيما بينهم - وذلك عن رأي عمرو بن أمية أخي بني علاج- على أن يرسلوا رجلًا منهم، فأرسلوا عبد ياليل بن عمرو بن عُمير ومعه اثنان من الأحلاف وثلاثة من بني مالك، فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة ألفوا المغيرة بن شعبة يرعى ركاب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآهم ذهب يشتدُّ ليبشِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدومهم، فلقيه أبو بكر الصديق فأخبره عن ركب ثقيف أنهم قدموا يريدون البيعة والإِسلام, فقال أبو بكر للمغيرة أقسمتُ عليك ألا تسبقني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أكون أنا أُحدثه، ففعل المغيرة، فدخل أبو بكر فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدومهم ثم خرج المغيرة إلى أصحابه فروَّح الظَّهر معهم، وعلمهم كيف يُحيُّون رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية، ولما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضُربت عليهم قُبَّة في المسجد، وسأل الوفدُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أشياء؛ حيث سألوه ترك الطاغية اللات، وعدم أداء الصلوات، فرفض ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم إن الوفد أسلم، ورجعوا إلى قومهم فكتموهم الحقيقة، وخوفوهم بالحرب والقتال، وغير ذلك، فأخذت ثقيفًا نخوة الجاهلية، فمكثوا يومين أو ثلاثة يريدون القتال، ثم ألقى الله في قلوبهم الرعب وقالوا للوفد: ارجعوا إليه فأعطوه ما سأل، فأظهر الوفد حقيقة الأمر، فأسلمت ثقيف (٢).

وعن جَابِر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنْ ثَقِيفًا لما بَايَعَتْ اشْتَرَطَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهَا وَلَا جِهَادَ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: "سَيَتَصَدَّقُونَ


(١) "سيرة ابن هشام" ٤/ ١٠٢، و"الطبقات" ١/ ٣١٢.
(٢) انظر: "سيرة ابن هشام" ٤/ ١٠٤، و"الطبقات" ١/ ٣١٢، ٣١٣.

<<  <   >  >>