للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - عقد النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتماعات سرية بالمسلمين في دار الأرقم ليُعلِّمهم شرائع الإسلام.

[الشرح]

كانت هذه الدار في أصل الصفا بعيدة عن أعين الطغاة ومجالسهم، فاختارها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ليجتمع فيها بالمسلمين سرًا، فيتلوا عليهم آيات الله ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وليؤدي المسلمون عبادتهم وأعمالهم، ويتلقوا ما أنزل على رسوله وهم في أمن وسلام، وليدخل من يدخل في الإِسلام ولا يعلم به الطغاة من أصحاب السطوة والنقمة.

ومما لم يكن يُشك فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو اجتمع بالمسلمين علنًا لحاول المشركون بكل ما عندهم من القسوة والغلظة أن يحولوا بينه وبين ما يريد من تزكية نفوسهم ومن تعليمهم الكتاب والحكمة، وربما أفضى ذلك إلى مصادمة الفريقين، بل قد وقع ذلك فعلاً، فقد ذكر ابن إسحاق أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يجتمعون في الشعاب، فيصلون فيها سرًا، فرآهم نفر من كفار قريش، فسبوهم وقاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقاص رجلاً منهم فسال دمه، وكان أول دم هريق في الإسلام.

ومعلوم أن المصادمة لو تعددت وطالت لأفضت إلى تدمير المسلمين وإبادتهم، فكان من الحكمة السرية والاختفاء، فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم وعبادتهم وإجتماعهم، أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فكان يجهر بالدعوة والعبادة بين ظهراني المشركين لا يصرفه عن ذلك شيء، ولكن كان يجتمع مع المسلمين سرًا، نظرًا لصالحهم وصالح الإسلام (١).


(١) "الرحيق المختوم" ٩٧، ٩٨.

<<  <   >  >>