للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الله تَعَالَى وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - (١).

قال الدكتور أكرم العُمري - رحمه الله -:

وقد أخرج البخاري في "صحيحه" نص كتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث به دحية إلى عظيم بُصرى فدفعه إلى هرقل، وهو النص الوحيد الذي ثبت صحته وفق شروط المحدثين من بين سائر نصوص الكتب التي وُجِّهت إلى الملوك والأمراء التي ينبغي أن تُنقد من جهة المتن والسند معًا قبل اعتمادها تاريخيًا فضلاً عن الاستدلال بها في مجال التشريع. اهـ (٢).

ولما أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابه إلى هرقل عظيم الروم، ووصل هرقل كتابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَ إلى أبي سفيان بن حرب - وكان لا يزال على الشرك - في رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ في الْمُدَّة الَّتِي كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ (٣)، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ (٤)، فَدَعَاهُمْ في مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ


(١) صحيح: أخرجه مسلم (١٧٧٤)، كتاب الجهاد والسير، باب كُتُب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ملوك الكفار، يدعوهم إلى الله - عز وجل -.
قوله: وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الذِي صَلَّي عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أي: ليس هو النجاشي الذي هاجر إليه الصحابة في العام الخامس من البعثة، ووصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه ملك عادل لا يظلم عنده أحد، فإن النجاشي هذا - واسمه أصحمة - قد مات قبل ذلك، أما الذي أرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو ملك غيره، ولقب (النجاشي) يُلقب به كل من تولى مُلْك الحبشة، مثل قيصر لمن تولى ملك الروم، وكسرى لمن تولى ملك الفرس، وفرعون لمن تولى ملك الأقباط والعزيز لمن تولى ملك مصر.
(٢) "السيرة النبوية الصحيحة" ٢/ ٤٥٦.
(٣) في المدة التي مادَّ فيها أبا سفيان أي: في الهدنة وهي هدنة الحديبية.
(٤) إيلياء: اسم مدينة ومعناه بيت الله.

<<  <   >  >>