للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ عبد الله بن عُمَرَ - رضي الله عنه - قالَ: حارَبَتْ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ، فَأَجْلَى بني النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حارَبَتْ قُرَيْظَةُ، فَقَتَلَ رِجالَهُمْ، وَقَسَمَ نِساءَهُمْ، وَأَوْلادَهُم، وَأَمْوالَهُم بَينَ الْمُسْلِمِينَ، إِلّا بَعْضَهُم لَحِقُوا بِالنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فَآمَنَهُم وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُم بني قَيْنُقاعَ، وَهُمْ رَهْطُ عبد الله بن سَلامٍ وَيَهُودَ بني حارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ (١).

[٩ - وفي ذي الحجة من هذه السنة: توفي سعد بن معاذ - رضي الله عنه.]

[الشرح]

عَنْ عائِشَةَ - رضي الله عنها - قالَتْ: أُصيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَماهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقالُ لَهُ: حِبَّانُ بن الْعَرِقَةِ، وَهُوَ حِبَّانُ بن قَيْسٍ، مِنْ بني مَعِيصِ بن عامِرِ بن لُؤَيّ، رَماهُ في الْأَكْحَلِ (٢) فَضَرَبَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيمَةً في الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَقال سعد: اللهمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْرَجُوهُ، اللهمَّ فَإِنِّي أَظنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيءٌ فأَبْقِنِي لَهُ حَتَّى أُجاهِدَهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ فافْجُرْها واجْعَلْ مَوْتَتِي فِيها، فانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ (٣) فَلَم يَرُعْهُمْ- وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بني غِفارٍ - إِلّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقالُوا: يا أهْلَ الْخَيْمَةِ ما هَذا الَّذِي يَأْتِينا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَما زال يسيل حتى ماتَ (٤).


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٠٢٨)، كتاب: المغازي، باب: حديث بني النضير، ومسلم (١٧٦٦)، كتاب: الجهاد والسير، باب: إجلاء اليهود من الحجاز.
(٢) الأكحل: عرقٌ في وسط الذراع، إذا قُطع لم يرقأ الدم.
(٣) اللَّبة: موضع القلادة من الصدر، وكان موضع الجرح ورم حتى اتصل الورم إلى صدره فانفجر من صدره.
(٤) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤١٢٢)، كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحزاب، مسلم (١٧٦٩)، كتاب: الجهاد والسير، باب: جواز قتل من نقض العهد، وجواز إنزال أهل الحصن على حُكم حاكم عدل أهلٍ للحكم.

<<  <   >  >>