نَعَمْ، أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَلَا نِفَاقًا، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الله مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ عَزِيزًا بَيْنَ ظَهْرِيهِمْ، وَكَانَتْ وَالِدَتِي مِنْهُمْ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَّخِذَ هَذَا عِنْدَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَا أَضْربُ رَأْسَ هَذَا؟ قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَقْتُلُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الله - عز وجل - قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ" (١).
وعن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: بَعَثَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ، فَقَالَ:"انْطَلِقُواحَتَّى تَأتُوا رَوْضَةَ خَاخ فَإنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوا مِنْهَا"، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بنا خَيْلُنَا حَتَّى أتَيْنَا الرَّوْضَةَ فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، قُلْنَا لَهَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، قَالَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَينَا بِهِ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بن أبي بَلْتَعَةَ إلى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:"يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟ "، قَالَ: يَا رَسُولَ الله لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا في قُرَيْشٍ، يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفًا وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِيني، وَلَاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:"أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ"، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ: "إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الله اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"، فَأَنْزَلَ الله السُّورَةَ: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} إلى
(١) صحيح: أخرجه أحمد (١٤٧١٠) بإسناد صحيح، وله شاهد في "الصحيحين"، كما سيأتي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute