للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

ودعاها بشاة حائل فتحلبت ... عليه صريًا ضرة الشاة مزبد

فغادره رهنًا لديها لحالب ... يرددها في مصدر بعد مورد (١)

ثم مضى النبي - صلى الله عليه وسلم - هو وأبو بكر - رضي الله عنه - فَالْتَفَتَ أبو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بنا فَالْتَفَتَ نَبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ" فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ (٢)، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله مُرْنِي بِمَا شِئْتَ قَالَ: "فَقِفْ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بنا" قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ (٣).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أشرف على الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأبو بَكْرٍ شَيخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - شَابٌّ لَا يُعْرَفُ (٤) قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ، فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ، قَالَ: فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ (٥).

وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ


(١) حسن: الحاكم ٣/ ٩، ١٠، وحسنه الألباني، تخريج "فقه السيرة" (١٧٩).
(٢) الحمحمة: صوت الفرس دون الصهيل (نهاية).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٣٩١١)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة، وقيل: هذا الفارس هو سراقة بن مالك فالقصة واحدة. والله أعلم.
(٤) أي من حيث الشيب، فالشيب كان قد دخل على أبي بكر - رضي الله عنه - دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو الأكبر سنًا- يظهر كأنه شاب.
(٥) الحديث السابق.

<<  <   >  >>